ایکنا

IQNA

هوية المجتمع الإسلامي وعلاقة هذه الهوية بوحدة الأمة 

13:25 - July 13, 2021
رمز الخبر: 3481862
قم المقدسة ـ إکنا: أشار الأمين العام السابق لمجمع التقريب بين المذاهب، "آية الله محسن الأراكي" إلى أن الهوية الإلهية هي الهوية الإسلامية القائمة والمنطقة من أساس واحد هو أمر الله المتمثل فيما صدر عن النبي محمد(ص)"، مؤكداً أن "هذه الهوية هي أساس وحدة المجتمع وهذه الهوية هي التي تشكل ذلك الحبل الذي قال سبحانه وتعالى بشأنه "واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا".

وألقى عضو رابطة مدرسي الحوزة العلمية في إیران، "آية الله الشيخ محسن الأراكي"، كلمة بعنوان "دور القيم الإنسانية في تحقيق السلم العالمي" في المؤتمر الدولي الرابع عشر للوحدة الاسلامية الذي أقيم مؤخراً في العاصمة البريطانية لندن.

فيما يلي النص الكامل لكلمة الفقيه والمجتهد، وعضو مجلس خبراء القيادة في إیران، والأمين العام السابق للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، آية الله الشيخ محسن الأراكي:
"السلام علیکم جمیعاً ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين وأصحابه الميامين.

وفي البدء أود أن أتقدم بالشكر الجزيل للإخوة القائمين على هذا المؤتمر والذين تسببوا لهذا الاجتماع وان كان الاجتماع عن بُعد في الاجسام فإن الأرواح متقاربة ولله الحمد ومتحدة ان شاء الله تعالى.

وحديثي في هذه المناسبة حول هوية المجتمع الإسلامي والاساس لهذه الهوية وعلاقة هذه الهوية بوحدة الامة.
 
فهذه ثلاث كلمات في هذا المختصر وهذه العجالة؛ الكلمة الأولى وفيما يخص التعريف بالهوية الإسلامية: الهوية لكل مجتمع انما تناط بالإرادة التي يسوغ هذا المجتمع والذي ينطلق المجتمع من تلك الإرادة في عملها وعلاقاتها فكل مجتمع انما ينطلق من إرادة موحدة في علاقاته وسلوكياته الاجتماعية فلولا وجود إرادة واحدة ينطلق المجتمع منها في علاقاته العامة وسلوكياته الاجتماعية لما وجد المجتمع أساس هوية المجتمع، اذن هو تلك الإرادة التي ينطلق منها المجتمع في علاقاته الاجتماعية وفي علاقات أجزاءه بعضها مع بعض وفي علاقات افراده بعضهم مع بعض وفي علاقات أقسامه وأبعاضه بعضهم مع بعض، هذه النقطة الأولى.

اذن التعريف بالهوية تم في هذه النقطة أن الهوية هوية كل مجتمع انما تناط بالإرادة التي ينطلق منها ذلك المجتمع في سلوكياته وعلاقاته أما هوية المجتمع الإسلامي، هوية المجتمع الإسلامي قائمة على أساس انطلاق المجتمع في سلوكياته من الإرادة الالهية يعني من أمر الله ونهيه يقول سبحانه وتعالى "لا اكراه في الدين"، "فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا"، هذه العروة الوثقى هي التي تؤسس للمجتمع الإسلامي هويته، هذه الهوية منطلقة من الايمان بالله يعني من الارادة الالهية التي على أساسها ينطلق المجتمع الإسلامي وافراده في سلوكياتهم وعلاقاتهم مع البعض قال سبحانه وتعالى "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْر" هكذا يعرف القرآن الكريم الله سبحانه وتعالى وذلك الذي له الخلق وهو ايضا له الامر على خلاف النظرة العلمانية الى الله سبحانه وتعالى والتي ترى أن الله له الخلق ولكن ليس له الامر، الله له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين، ومن هنا فالمجتمع الإسلامي هو ذلك المجتمع الذي ينطلق في سلوكياته من امر الله سبحانه وتعالى ومن نهي الله سبحانه وتعالى، قال سبحانه وتعالى "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا" و من أجل ذلك فرسول الله (ص) الذي هو الطريق الى أمر الله تعالى ونهيه يكون هو المناط وهو الأساس لهذه الهوية الواحدة يقول سبحانه وتعالى "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ"، مخاطباً لمحمد رسول الله (ص) لست منهم في شيء لماذا لأنهم حينما فرقوا أمرهم اختلفوا في أمرهم اختلفوا في سلوكياتهم اختلفوا في مواقفهم هذا يعني أنهم لم ينطلقوا في سلوكياتهم من أمر الله سبحانه وتعالى لان امر الله واحد وليس مختلفاً اذن هنا نستنج أن الهوية الإلهية هي الهوية الإسلامية القائمة والمنطقة من أساس واحد هو أمر الله تعالى المتمثل فيما صدر عن رسول الله محمد(ص) هذه الهوية هي أساس وحدة المجتمع وهذه الهوية هي التي تشكل ذلك الحبل الذي قال سبحانه وتعالى بشأنه "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" هذه النقطة الأولى.

والنقطة الثانية أن الذي يقابل هذه الهوية الإسلامية الذي يقابل هذه الهوية المنطقة من أمر الله تعالى هي الهوية الطاغوتية هي هوية الطاغوت، كما قال سبحانه وتعالى "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى" وقال سبحانه وتعالى "الَّذينَ آمَنوا يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذينَ كَفَروا يُقاتِلونَ في سَبيلِ الطّاغوتِ فَقاتِلوا أَولِياءَ الشَّيطانِ ۖ إِنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعيفًا"فهنا لك اذن هويتان متقابلتان هوية الهية هي الأساس للمجتمع الإسلامي وهوية شيطانية طاغوتية هي الأساس للهوية الشيطانية هذه الهوية الشيطانية منطلقة من الهوى، "وأن اتبع ما انزل اليك" "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ"، وهنا لك أيضا طريقان طريق اتباع الله تعالى والذي يكوّن الهوية الإلهية والإسلامية والطريق الآخر طريق اتباع الطاغوت وامر الطاغوت الذي يبتني على أساس الهوى وهذه هي الهوية الطاغوتية والتي على أساسها تتشكل المجتمعات الطاغوتية هذه النقطة الثانية.
 
والنقطة الثالثة في حديثي ترتكز على أساس أننا اذا اردنا القوة واذا اردنا أن نكون أقوياء فلابد أن نرجع الى هويتنا الإلهية، هوية المجتمع الذي ينطلق في هويته وينطلق في علاقاته وينطلق في سلوكياته من امر الله سبحانه وتعالى هذه الهوية تصبح أولاً: قوية كما قال سبحانه وتعالى "وَلا تَهِنوا وَلا تَحزَنوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ"، الهوية الايمانية هوية ليس معها ضعف "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ" لا يضعفون ولا يستكينون وهم ينطلقون في هويتهم ينطلقون في سلوكياتهم ومواقفهم من امر الله تعالى، وقال سبحانه وتعالى "بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" الولي هو ذلك الذي يأمر وينهى أولئك الذين يتخذون الكافرين أولياء يعني يتخذون من الكافرين مصادر للأمر والنهي ينطلقون في مواقفهم في سلوكياتهم من إرادة الكافر من إرادة العدو وهنا مشكلتنا في المجتمع الإسلامي في مجتمعنا الإسلامي الحاضر مشكلتنا الأساس أن كثيراً من حكام مجتمعاتنا أن كثيراً من نخب مجتمعاتنا انما يتعبون في سلوكياتهم من امر الطاغوت من امر أعداء الله سبحانه وتعالى من أمر اليهود والنصارى وقد قال سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ"، هذه هي مشكلتنا.

وقال سبحانه وتعالى "لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ" يعني تم فصل علاقته مع الله سبحانه وتعالى لأنه لا ينطلق من هويته من أمر الله تعالى، فأساس قوتنا المجتمع الإسلامي الذي ينطلق في ارادته في مواقفه من أمر الله سبحانه وتعالى يصبح مجتمعاً موحداً لأنه يملك حينئذ هوية الهية والهوية الإلهية لا يمكن أن تتعدد ولا يمكن أن تنقسم مطلقاً هي هوية واحدة وثانياً المجتمع الذي يتخذ هذه الهوية يكون مجتمعاً قوياً يقول سبحانه وتعالى "وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَالَّذينَ آمَنوا فَإِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ الغالِبونَ"، فتكون الغلبة لهذا المجتمع، هذا المجتمع يصبح مجتمعاً قوياً يصبح مجتمعاً عزيزاً "بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا"، تجربتنا في عصرنا الحاضر في جبهة المقاومة هذه التجربة أثبت حقيقة هذا الذي وعدنا الله به أثبتت ذلك ميدانياً أن الذي وعده الله سبحانه وتعالى كان وعده وعداً حق وأن كل ما جاء في الكتاب الكريم وفي سنة نبينا المطهرة حق وصدق لاريب فيه لأننا نجد في الميدان نجد أن العزة أين الآن في مجتمعنا الإسلامي أين العزة في مجتمعنا الإسلامي أين القوة في مجتمعنا الإسلامي أين تكمن الوحدة أين تكمن الإرادة الواحدة أين تكمن العزة أين تكمن القوة أين تكمن المواجهة القوية  مع العدو أين يكمن الصمود أين تكمن المقاومة جبهة المقاومة هذه الجبهة هي الجبهة العزيزة اليوم والجبهة التي تقف في مقابل هذه الجبهة هي الجبهة الذليلة نجد الان الذل في كثير من بلاد الإسلام التي يحكمها الطغاة المنافقون الذين تصدق عليهم الآية "بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا" هؤلاء الذين هرولوا للتطبيع مع أعداء الله هرولوا خلف اليهود والنصارى ليتحدوا معهم وليبتغوا العزة عندهم هؤلاء هم المنافقون الذي قصدتهم الآية فهم لا يمكنهم أن يصلوا أن يبلغوا العزة مطلقاً ولا يمكنهم أن ينالوا القوة أين مصر مثلا أين السعودية أين الامارات هذه البلدان وغيرها من البلدان التي هرولت خلف اليهود والنصارى لتتحد مع أولئك لكي تحصل على العزة أين العزة التي يملكها هؤلاء العزة اليوم تقف مع جبهة المقاومة العزة اليوم في غزة المقاومة، العزة اليوم في لبنان المقاوم، العزة اليوم في سورية المقاومة العزة، اليوم في اليمن المقاوم، العزة اليوم في الجمهورية الإسلامية الايرانية، والعزة اليوم في أولئك المؤمنين الأعزاء الأقوياء الذين يقفون في مواجهة الاستكبار العالمي ويصمدون في هذه المواجهة فتجد أن قلوبهم متحدة وتجد أن أياديهم واحدة وتجد أن جبهتهم جبهة واحدة عزيزة لا تلين ولا تضعف ولا تستكين.

ونسأل الله سبحانه وتعالى الفرج لجميع اخواننا  المؤمنين في مشارق الأرض وفي مغاربها نسأل الله وحدة المسلمين والمؤمنين جميعاً نسأل الله العزة والنصر لغزة  المقاومة نسأل الله العزة والنصر لأهلنا في فلسطين في الضفة وغير الضفة نسأل الله العزة والنصر لأهلنا في اليمن لأهلنا في أفغانستان المؤمنين في مشارق الأرض وفي مغاربها نسأل الله الفرج لأهل لبنان وأهل سوريا وأهل العراق وجبهة المقاومة بكل أبعادها وبكل سعتها نسأل الله العزة والنصر للمؤمنين ونسأل الله تعالى أن يفرج عن أهلنا في فلسطين واليمن وفي غيرهما انه سميع مجيب وأشكركم مرة أخرى وأشكر القائمين على هذا المؤتمر وأسأل الله لهم العزة والنصر والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
captcha